بسم الله الرحمن الرحيم
أثار خطاب الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أمام لجنة العلاقات العامة الأميركية
الصهيونية "إيباك" حالة من السخط الفلسطيني جراء قلب الرئيس الأمريكي في خطابه
الحقائق وتسمية الأمور بغير مسمياتها، ناهيك عن تكراره لكلمات وعبارات تدغدغ
العواطف لدى الصهاينة الذين أعجبوا كثيراً ورحبوا بالخطاب.
ارتياح صهيوني
فقد وصفت الصحافة العبرية الخطاب بأنه خطاب أكثر من رائع وأظهر جلياً أن الرئيس
الأمريكي باراك أوباما صهيونياً أكثر من نتيناهو نفسه – على حد زعمها -، بالإضافة
إلى وصف الأخير للخطاب بأنه محل تقدير وترحيب من قبل الصهاينة الذين يؤيدون
ما جاء في الخطاب.
وأكد وزير شؤون الإستخبارات الصهيوني "دان مريدور" أن التقدم في العملية
السياسية يستوجب التفاهم مع الفلسطينيين ولكن هذا التفاهم لا يزال بعيد المنال،
مضيفاً في تصريحات للإذاعة العبرية: "يجب إعادة النظر مجددًا في فكرة إقامة وحدة
وطنية والتعاون في الحلبة السياسية الصهيونية في ضوء التطورات الأخيرة، لاسيما
في العلاقات بين الاحتلال والولايات المتحدة".
وتابع أن خطاب الرئيس الأميركي "يدل على حصول تقارب مهم في مواقف الصهاينة
والأميركيين ووجود شراكة عميقة بينهما وتفاهم إلى جانب المصالح المشتركة"،
مشيراً إلى أن "هناك مجالاً للتعاون بين تل أبيب وواشنطن رغم الخلافات بين
الطرفين".
سخط فلسطيني
أما على الجانب الفلسطيني، فقد أدانت الفصائل الفلسطينية الخطاب وما جاء فيه من
تأكيد وإلحاح أمريكي على حماية ودعم المحتل الصهيوني في كل ما يقوم به من جرائم
ضد الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى عدم قدرة تلك الإدارة على إلزام الحكومة
الصهيونية بالتوصل إلى حل عادل للشعب الفلسطيني.
واعتبرت حركة حماس أن تصريحات أوباما تؤكد أن الإدارة الأميركية لا تعد صديقة
لشعوب المنطقة وأنها منحازة بالكامل لصالح الاحتلال الصهيوني على حساب حرية
الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته كاملة السيادة.
وأكد الناطق باسم حركة حماس "سامي أبو زهري" في تصريح صحفي أن تصريحات
أوباما بشأن التراجع عن حدود عام 1967 تبرهن على خطأ اعتبار الإدارة الأميركية
راعيا نزيها وخطأ للاستمرار في الرهان على الدور الأميركي، مشدداً على أن الإدارة
الأميركية ستفشل مثلما فشلت باستمرار في إرغام حركة حماس على الاعتراف بالاحتلال.
إلى ذلك، اعتبر العديد من المحللين السياسيين الخطاب الأمريكي بأنه ديباجة قديمة
جديدة تنتقل تلقائياً من رئيس أمريكي إلى آخر، مؤكدين أن الانحياز الأمريكي الأعمى
للصهاينة يثبت من جديد لكل من راهن على الإدارة الأمريكية الجديدة بأنها ستقدم ما
لم تقدمه الإدارات السابقة للفلسطينيين.
ديباجة قديمة جديدة
وقال الكاتب والمحلل السياسي "مصطفى الصواف" في مقال له أن ما جاء في خطاب
أوباما، وخاصةً فيما يتعلق بموضوع المصالحة الفلسطينية والتي عدها عقبة أمام
السلام، قدم دليلاً غير قابل للشك بأن الإدارة الأمريكية هي من شكل العقبة الأساسية
أمام إتمام اتفاق المصلحة منذ فترة طويلة، وها هو اليوم يعبر بوضوح عن رفضه
لمصالحة فلسطينية تعيد الوحدة للصف، لأن هذه الوحدة تتعارض مع الهدف الأمريكي
الذي يسعى إلى الاستفراد بجزء من الشعب الفلسطيني، وهذا الاستفراد يسهل لها
تنفيذ سياستها التي تخدم مصالح الاحتلال الصهيوني.
وأضاف: أوباما كان متناقضا في موقفه فهو عندما يؤكد أن من حق الشعوب العربية
أن تختار قياداتها وأيدها في ثوراتها لنيل حرياتها معترفا برياح التغيير القادمة من
ربيع الشرق الأوسط، ويرفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني باختيار من يريد من
قواه الموجودة على الساحة بشكل ديمقراطي، ويتدخل في الشأن الداخلي ويريد أن
يحدد للشعب الفلسطيني خياراته من خلال قبوله لهذا ورفضه لذلك متجاهلا أنه بقوته
الهائلة ضعيف أمام إرادة الشعوب، والشعب الفلسطيني صاحب إرادة يدركها أوباما كما يدركها العالم.
وأوضح الصواف أن النقطة التي أشار فيها أوباما إلى حركة حماس ووصفها بأنها
حركة إرهابية هي محاولة إسقاط نفسي لحقيقة الإدارة الأمريكية التي تمارس إرهابا
عالميا وتشكل أكبر داعم للإرهاب في العالم وهي "إسرائيل" والتي تشكل وفق
استطلاعات رأي غربية تهديداً حقيقياً على السلام العالمي.