بسم الله الرحمن الرحيم
يقول هرتزل: «إن حصلنا يوماً على القدس، وكنت لا أزال حياً، وقادراً على القيام بأي شيء، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسوف أدمر الآثار التي مرت عليها عبرالقرون»، وهذا ما تحاول "إسرائيل" أن تفعله تجاه القدس، بإزالة معالمها وتهويدها. وفي سياق استنكارنا لعبارات هرتزل هذه، وما حدث بعدها من تطورات، نؤكد على عدم الاستهانة مطلقاً بما يعلنه عدد من قادة المنظمات الصهيونية عن الدعوة الى إعادة بناء ما يطلقون عليه (هارهابيت) معبد الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، والحرم القدسي الشريف.
أنصار دعوة «هدم الأقصى» تأسست في "إسرائيل"، منذ احتلال مدينة القدس العربية عام 1967، وهي تندرج عبر منظمات تجمع بين الفكر الصهيوني وأهدافه، وبين ما توافق معها من مفاهيم أخرى من التراث الديني اليهودي لبناء ما يسمى «إسرائيل الكبرى» بضم الضفة الغربية، وقطاع غزة إلى "إسرائيل" بصفتهما جزءاً من مملكة "إسرائيل"، وبناء الهيكل المزعوم في الحرم القدسي الشريف مكان موقع المسجد الأقصى المبارك، وتجد أفكار هذه المنظمات رواجاً بين الأوساط "الإسرائيلية" الدينية، والصهيونية المنسجمة مع التوسع "الإسرائيلي" وما يوفره من مصالح اقتصادية وسياسية.
تعد منظمة (غوش ايمونيم) أي «كتلة الإيمان» من أقدم هذه المنظمات، حيث تأسست عام 1974 على إثر المخاطر التي حملتها ل"إسرائيل" حرب تشرين التحريرية 1973، وما كبدته من خسائر بشرية ومعنوية للكيان الصهيوني.. من أهداف هذه المنظمة تنفيذ نشاطات استيطانية على امتداد أرض فلسطين، وإجبار حكومات "إسرائيل" على عدم التنازل عن أي شبر من الأراضي المحتلة، وفرض الأمر الواقع بالقوة، بالإضافة إلى حشد "الإسرائيليين" خلف هذا الهدف، وجمع الأموال لتمويل نشاطه، وتجهيز مجموعات مسلحة تتولى تنفيذ عمليات اغتيال للشخصيات الفلسطينية الوطنية والقيادية.
والدافع لقيام مثل هذه المنظمات، حسب الدراسة التي قدمها يزهار بائير، أحد المحللين السياسيين "الإسرائيليين" في عام 2000 بعنوان (الواقع الراهن لأخطار بناء الهيكل من المجموعات الدينية اليهودية المتشددة)، هو:
أولاً: خشية "الإسرائيليين" من إعادة منطقة الحرم القدسي والأماكن المقدسة للسلطة الفلسطينية.
ثانياً: زيادة التدخل من قبل الفئات المتطرفة اليهودية لدعم فكرة بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى.
ويذكر الدكتور تحسين الحلبي، الباحث المختص في الشؤون "الإسرائيلية" في دراسته الصادرة عن مؤسسة القدس الدولية، أن أكثر من ثماني عشرة منظمة، أو هيئة، أو جمعية تدعو لبناء الهيكل، بعد أن ألغت منظمة «غوش ايمونيم» وجودها التنظيمي العلني الرسمي في بداية التسعينيات من القرن المنصرم، ليتحول قادتها إلى قادة في المنظمات الصهيونية المتطرفة وهي:
1- (منظمة مائير كاهانا) وتدعو إلى «قيام إسرائيل الكبرى».
2- منظمة (ماخون هاميكداش)، أو معهد الهيكل المقدس.
3- منظمة حي وباق (حاي ميكايام)، أو حركة تجديد وبعث مملكة "إسرائيل". 4- منظمة «المؤتمنون على الهيكل». 5- حركة تأسيس الهيكل.
6- مجموعة جبل هامور، وهي تضم أكاديميين وحاخامات.
7- مجموعة نساء الهيكل، وتتولى جمع الذهب والمجوهرات والأحجار الثمينة التي يراد وضعها في الهيكل. 8- منظمة فلنبدأ بأيدينا.
9- دوريات الكهان (مشماروت هاكوتيم)، وهؤلاء يعدون أنفسهم ككهنة في معبد الهيكل. 10- مجموعة المحكمة الحاخامية للهيكل، وهي أعلى سلطة قضائية للهيكل. 11- (جوريزيم فورام)، جمعيات استيطان القدس العربية.
12- جمعية الكهان ( مدرسة توراتية تلمودية). 13- منظمة بيت أوروت (بيت الأنوار). 14- منظمة ايليعاد( لإعداد مدينة داوود في القدس).
15- منظمة (ليوشنا) لإبعاد العرب من القدس، والاستيطان مكانهم.
16- منظمة عودة الأبناء اليهود ( مهمتها تحويل رجال المافيا والجريمة المنظمة إلى التدين واستخدامهم ضد العرب).
17- حكرة الفكرة اليهودية (وتدعو إلى طرد العرب من مدينة القدس).
18- منظمة شوحاري الهيكل (أي الساعين لبناء الهيكل)، وهي الإطار الذي تتوحد فيه كل تلك المنظمات.
في شباط عام 1990 كان عدد الأعضاء المشاركين في أول اجتماع عقدته هذه المنظمات الداعية لبناء الهيكل ستين عضواً، وفي عام 1997 كان عدد المؤتمرين لهذه المنظمات المتحدة تحت شعار قبضة الهيكل ألف عضو، وفي كانون الأول 1999، نظم مؤتمر هذه المنظمات مسيرة شارك فيها أربعة آلاف عضو، وفي عام 2000 تمكنت هذه المنظمات من حشد خمسين ألف عضو، يدعون لبناء الهيكل وهدم الأقصى، وندرك خطر هذه المنظمات أكثر من خلال امتداد فروعها الدولية، ونشاط وسائلها الإعلامية، ومواقع الأنترنت التابعة لها، واللغات الأجنبية المتعددة لنشر آرائها وأهدافها.
يقول يهودا اعتصبيون في /نيوز أور/ في 30/9/1996: «لا أستطيع في هذه اللحظة تحديد متى ينبغي أن يزول هذا المسجد (الأقصى) ويقتلع من هنا، لكنني واثق بأن هذا ما سوف يحصل مثل ما أنا واثق من أنني يهودي»، ويضيف: «ربما يصرخ العرب ويبكون حين يهدم الأقصى، لكنني لا أعتقد أن هدمه سيؤدي إلى حرب نووية»، ويقول غيروشون سلومون رئيس منظمة المؤتمنين على الهيكل في /تمبل ماونست جيروزليم/ في 24/7/2007 : «على حاخاميي "إسرائيل" والحكومة أن ينهوا صلوات المسلمين في المسجد الأقصى، لكي يصلي اليهود في الهيكل الذي سنبنيه، وحذر أن السلام لن يحل على اليهود إذا بقي المسجد الأقصى موجوداً».
ويقول موشيه فيغلن زعيم حركة القيادة اليهودية داخل حزب الليكود والذي نافس نتنياهو على رئاسة الليكود، زاعماً في /جوشي إسرائيل دوت اورغ/، آب 2007: «إن الهدف النهائي ل"إسرائيل" هو بعث الهيكل من جديد، وهذا لا يتم إلا باستعادة الهيكل الذي اغتصبه العرب(!!)، وأقاموا في مكانه المسجد الأقصى، وفرض ذلك بالقوة»، وكان ايهوداولمرت، رئيس الحكومة الصهيونية السابق، قد وجد في ذلك فرصة مناسبة للتأكيد على السياسة التي تبناها شارون من قبله، حين أعلن في 9/10/2007 بأن "إسرائيل" لن تتنازل عن سيادتها على موقع الهيكل المزعوم، والآن يأتي بنيامين نتنياهو وحكومته العنصرية المتطرفة متبنياً هذا الموقف، فما يحدث من أخطار حول الأقصى لا يمكن فهمه خارج هذا الإطار، كيف لا وبنيامين نتنياهو قد وقع أثناء ترشيحه لرئاسة الحكومة على وثيقة حملها له يهودا اعتصبيون، يوافق فيها على بناء الهيكل في موقعه فوق ركام الأقصى، فأين العرب والمسلمون على الصعيدين الرسمي والجماهيري من أولى القبلتين وثاني المسجدين؟!.
موضوع: المسجد الأقصى.. إلى أين؟ 
الأحد يونيو 05, 2011 8:06 am
