الذكرى لا تموت ابدا

بسم الله الرحمن الرحيم



الذكرى لا تموت


وقف على قبر والدته يودعها الوداع الأخير، ويعتذر لها عن بيع بيت العائلة ليقتلع آخر جذر له في البلد الأصل من شروشه ويرميه دولارات يعلكها البنك ويرمي فوائدها رذاذاً متطايراً لكل التوافه..

خمسة عشر سنة والبيت ينتظر حضوره البهي ليضحك. يفتح نوافذه للشمس والهواء، ويشرّع شرفاته لطلات الاحبة، وينتشي برائحة القهوة التي ترحب بالأهل والأصدقاء..

خمسة عشر سنة والظروف تعاكسه فمن مرض الى انتكاسات، الى مشاغل.. كرّ الزمن والبيت صامد صامت ينتظر سكانه ولما تهيأت الفرص وجاء موعد اللقاء تكالبت الظروف ضده لينتقل من يده الى ملكية أناس آخرين.

استسمح من سكانه الجدد أن يسمحوا له بالاقامة فيه أياماً معدودات قبل ان يغادره للمرة الأخيرة، ارتابه خشوع
وهو يفتح البيت بمفتاحه الذي ما زال في جيبه، فتح باب الذكريات فاستقبله الأمس عابس الوجه معاتباً متسائلاً
أين أنت؟؟ تأخرت عليّ كثيراً، مللتُ الوحدة والانتظار... يا الهي ماذا فعلت؟؟ وكيف تسرب منه بيت العائلة بهذه
السرعة وتلك السهولة!! يبدو أن دوره في اشغاله قد انتهى... ترى هل يعرف المشتري الجديد ماذا اشترى؟؟... هل يعرف ان لكل حَجَر وحجرة قصة،!! هذه الجدران تختزن في باطنها صوت امه، دعواتها له بالرضا، مشية ابيه رائحة سيجارته، تخت طفولته... شهادة ابيه المعلقة على الحائط صوت أمه يشدو أغاني فيروز.. صورة أمه في
عزّ شبابها وجمالها معلقة فوق السرير.. الأثاث يغلفه الحزن ويكسوه الغبار.. الساعة المعلقة على الحائط الحجري واقفة عند الحركة الأخيرة من اصبع امه وهي تحرك بندولها كي تعمل، كم طلبت منه اصلاحها؟؟ السجاجيد ملتفة ومكفنة بالبياض ومستندة في زوايا الغرف تنتظر الاقدام لتحييها.. المفتاح الصغير للخزانة الكبيرة سقط من يده على الارض محتجاً على اهماله.. الثريات الكبيرة التي اصبحت من التراث لكنها بقيت الأجمل والأبهى بين كل المعروض الحديث.

المسمار الكبير البارز من حزوز حجرة كبيرة والذي يعلوه الصدأ كان يحمل مسبحة امه تعلقها عليه بعد انتهائها من صلواتها.

البيوت القديمة بعبقها التاريخي تتحول الى متاحف.. والانسان المتمدن يبحث عن قطعة اثرية ليضعها في بيته يتباهى بعراقتها، فكيف اذا كان البيت كله يحمل في نفحاته نسمات الامس، انها ضريبة التغيير ودوران الزمن.

اعتذر في سره عن فعلته التي فرضتها ظروف الغربة، وشعر بأنه دفن امه مرتين، مرة يوم وفاتها ومرة اخرى يوم بيع بيتها الذي كان يلقب ببيت الأمة.

حاصرته الذكريات من كل جانب، رمى بجسده على الاريكة متهالك من فوضى الاحاسيس.. ضغط على زر التلفاز ليخلصه من ألم هذا الكابوس فاذا بمنظر الآليات الاسرائيلية تنسف البيوت الفلسطينية وتشرد سكانها وتغتال الذكرى والانسان معاً.

خرج من بيت العمر هارباً لا يلوي على شيء ولا ينظر الى الخلف.. الغصة تخنقه يقول في نفسه:
اذا كان البيع بأيدينا يخنقنا بحبل الذكريات.. فكيف يكون وضع اولئك الذين اذلوا ثم اقهروا على رؤية بيوتهم وقد تحولت على مرأى من العالم الى ركام من الذكرى.

عزاؤنا ان الذاكرة والذكرى لا تموتان..!!

شكرا لمرورك الغالى يا ماكس

بص يا ماكس هو الموضوع انها بيجي عليك فتره بتشتاق للذكرى دى وترجع بقي ليها وتفتكرها وتعيش ايامها لكن مستحيل ان حد يعيش عمره كله على ذكرى لانها ذكرى يعني حاجه في الذاكره بتسترجعها الايام في ساعات معينه بتحتاج لها لكن العمر كله حاجه صعبه نادره

الذكرى عمرها ما تتنسي يا ماكس مهما حاولت انك تنسها
هى فعلا بتموت مع الانسان بتفضل ملازماه لحد اخر يوم في حياته بالذات لمات تكون ذكرى عزيزه على قلبك ممكن تفتكرها بابسط حاجه زى كلمه او حركه او مكان يعني مهما حاولت انك تنسي بردو مفيش فايده عمرك ما هتنسي الذكريات لانها جزء منك وجزء من شخيصتك وتكوينك

‎ لو تعرف كم احبك
لتركت العالم
ووقفت اسفل نافذتي
ومن دقات قلبي عزفت لي اجمل الحان الحب
لو تعرف كم اعشقك
......لتركت الدنيا وجلست جواري
ونسجت لي من خيط الشمس اردية الحب
لو تعرف كم اعشقك
لمسحت كل الاسماء من ذاكرتك
الأ اسمي
وجعلت كل حرف من حروفي اسما لدقات قلبك

شكرا على مرورك يا اوتار الكمان