صوت فتح _ كتب :باسل ترجمان _لم يتأخر رد حماس التوافقي مع إسرائيل على إفشال مبادرة الرئيس محمود عباس بزيارة غزة وإنهاء الإنقسام وبدأ التصعيد فجأة دون مبرر بعد هدوء وصمت حمساوي طويل على اعتداءات اسرائيل على غزة لأكثر من سنتين وبدأ تساقط الشهداء والجرحى بنيران القصف الإسرائيلي الذي يحصد أرواح الأبرياء بلا عنوان .
التصعيد الجديد قد يفاجئ البعض لكنه متوقع خاصة وأن حماس وجدت نفسها عارية أمام أبناء شعبنا وأمام العالم وممارساتها القمعية ضد الشباب في مظاهرات إنهاء الإنقسام وعدوانها على وسائل الإعلام وفضائح قياداتها وعجزهم رغم وقاحتهم المشهود بها عن تبرير ممارساتهم ضد المواطنين الذين خرجوا سلميا للمطالبة بوحدة الشعب والوطن .
حماس جربت كل ما تعلمته من تجربتها السابقة في القمع وإلصاق التهم والتشهير بكل مخالف لها، ونساء غزة اللواتي خرجن للمطالبة بأنهاء الإنقسام أصبحن فاجرات عاهرات والشباب عملاء ومأجورين والشعب خونة وتحركهم الجهزة الأمنية في رام الله .
الفشل الذي لاحقها في إلصاق تهمها الجاهزة دفعها للإعتداء على وسائل الإعلام والتي وقف بعضها مبررا ممارساتها لكن ذلك لم يشفع لها عندما أجبرت على نشر الحقيقة، رغم أن صوت مذيعة الجزيرة ليلى الشيخلي فقد وعجزت عن الكلام عندما أرادت تقديم تقرير فيه صور دون تعليق لإعتصام الصحافيين في غزة تنديدا باعتداءات حماس عليهم .
أمام رعب قيادتها وعناصرها استنجدت حماس بالحل الإسرائيلي لإخراجها من ورطة الزيارة وتدعياتها واتفاق الطرفين على حرب محدودة وتوتر مبالغ به سياسيا واعلاميا يحقق رزمة من المكاسب لهما .
حماس ستستغل التصعيد لتمييع موضوع الزيارة وبدء حملة تخوين واتهامات ضد السلطة بمشاركتها مع إسرائيل في الحرب والتنسيق الأمني وأن الرئيس كان يتصل مباشرة مع غرفة العمليات الإسرائيلية ليبلغهم ويحدد الأهداف الواجب قصفها في غزة لإلحاق اكبر خسائر بالمواطنين وبالتالي لايمكن الحديث معه بعد الأن .
إسرائيل أكبر المنزعجين من الحركة السياسية للرئيس وجدت في دعوة حماس فرصة ذهبية فهي ستفشل إنهاء الإنقسام وخوفها من انتخابات ديمقراطية قبل أيلول القادم وما يمكن أن يؤدي ذلك تجاه الإعتراف بالدولة الفلسطينية، وستؤكد للعالم أن الأرهاب الفلسطيني والصواريخ النووية والعابرة للقارات في غزة تهدد الأمن والسلم الدوليين وهي تتحمل بشجاعة مسؤولية الدفاع عن الإنسانية من الإرهاب الفلسطيني .
الحرب المحدودة تخرج حماس واسرائيل من المازق السياسي الحالي الواقعين فيه وسيعود نتنياهو ليجسد صورة البطل التواراتي الحامي للشعب اليهودي ويكسر عزلته الدولية التي وصلت حدود الخطر ويعيد لملمة النظرة الإيجابية للعالم تجاه إسرائيل.
حماس ستعود للصورة على أساس أن إسرائيل أرادت إسقاط نظامها الثوري المقاوم وبصمودها وتضحياتها أفشلت المؤامرة والتي شارك فيها ألاف العملاء والجواسيس والتي ستقدمهم للمحاكمة بعد إعطائهم مهلة للتوبة وتسليم أنفسهم لأجهزتها الأمنية المؤمنة .
في كل هذه الحالة المزرية من سياسة حماس يبقى أبناء شعبنا يدفعون من دمائهم الطاهرة ثمن حالة جنون الحكم المتأصل في عقول قيادتها المستعدة للتضحية بالجميع مقابل بقائها حاكمة باسم رب العباد في غزة .
سيناريو الأيام السوداء القادمة على أهلنا في غزة بدأ اليوم بثمانية شهداء والقائمة ستطول ومع كل شهيد يسقط تحقق حماس مكسبها بؤاد إنهاء الإنقسام وتجسده أكثر على الأرض ليكون تكريسا للإنفصال، متناسية أن دماء الابرياء المظلومين ستزهر سريعا زنابق تخط طريق إنهاء الإنقسام وتجسيد الوحدة .
حماس تعرف أن الأيام القادمة ستكون سوداء عليها لو استمرت جهود إنجاح الزيارة وإنهاء الإنقسام واختارت عن إيمان وقناعة أن تكون أيام شعبنا أكثر سوادوية والتضحية بعدة مئات من الأبرياء يحتسبونهم شهداء ويدعون لهم بالجنة أفضل ألف مرة من سقوط نظام الحكم الأسلامي الحمساوي الرشيد .
ما ترفض حماس قبوله اليوم بأقل ثمن ممكن من الخسائر التي سيدفعها شعبنا ستقبل به ولكن بعد أن تزيد جراحه ومعاناته ويبدو أنها لم تستفد من تجربة حلفائها ومناصريها القذافي في ليبيا وعبد الله صالح في اليمن ومصرة على تكرار نفس التجربة والخطأ مهما كان ثمن هذا الوقوف في وجه خيار شعبنا بانهاء الإنقسام والوحدة .