كتب رئيس التحرير لوكالة معا - لم تمرّ اسرائيل مرور الكرام على اتفاق الصلح بين فتح وحماس ، بل انها ترى في الامر بوابة حرب عليها من جانب محمود عباس الذي " ظهر على حقيقته عرفاتيا حتى نخاع العظم " و باعتباره احد العرفاتيين يعود ابو مازن الى طريقة عرفات في التعامل مع اسرائيل حيث سعى عرفات كل جهده لاستخدام حماس وتنشيطها وتقوية عودها وتسليحها وتعزيز مكانتها من اجل ضرب اسرائيل بواسطتها وتلقينها درسا على تثاقلها في الانسحاب من الاراضي الفلسطينية وتنصّلها من مواعيد اتفاقية اوسلو .
وبحسب مصادر استخبارية اسرائيلية نشرت في الايام القليلة بعضا من رؤيتها على مواقع عبرية ، فان استخبارات اسرائيل تنظر الى خطوة ابو مازن للمصالحة مع حماس بمثابة اعلان حرب على الدولة العبرية ، ومحاولة مرة اخرى - على الطريقة العرفاتية - لاستخدام حماس من اجل تلقين اسرائيل درسا على فشل المفاوضات معه . على حد اعتقادهم .
وتقول مصادر استخبارات اسرائيل ان المخابرات الاسرائيلية اظهرت فشلا كبيرا منذ بداية العام في توقع كل ما يحدث فلسطينيا وعربيا واقليميا .بل حتى ان المخابرات الاسرائيلية لم تكن تعرف اي شئ عن اتفاق حماس فتح وانها عرفت عن الامرم ن وسائل الاعلام الفلسطينية ما استرعوى دهشة كبيرة وارتباك واضح عند قادة الحكم في اسرائيل ، بل ان هذا يطرح اسئلة كبيرة وسط صنّاع الحكم في اسرائيل ( فهل هناك اتفاق على مبدأ اقامة دولة فلسطينية غربي النهر ؟ ولماذا يبدو ان اجابة شمعون بيريس مختلفة عن اجابة موشيه يعلون وكلاهما مختلفان مع ايهود باراك وهكذا ؟ ) .
وترى اوساط في المخابرات الاسرائيلية انه من الغباء ان يعتقد احد ان خطوة ابو مازن للصلح مع حماس كانت موجّهة ضد رئيس وزراء اسرائيل نتانياهو ، بل انها خطوة كبيرة جدا وكان المقصود منها تحدي الفلسطينيين للرئيس اوباما شخصيا . وردا على ما تفعله امريكا بالسعودية ومصر وليبيا وسوريا وان ابو مازن يقول لمبارك ان المنطقة كلها قد تلعب ضد امريكا ايضا !! على حد قول بعض المواقع الاستخبارية الاسرائيلية .
ولان ابو مازن لا يملك جيشا ، وليس تحت سيطرته سوى 3 كتائب غير مسلحة ومحاصرة من جيش اسرائيل في الضفة الغربية وان جلّ عملها هو الامن وجمع المعلومات ، فان ابو مازن قد قرر التوجه الى حماس واعادة فتح الباب لها من اجل محاربة اسرائيل انطلاقا من قطاع غزة ، وهو ما يشير الى ان ابو مازن لم يكن لديه اصرار في استعادة الامن في غزة بقدر ما هو تهديد لامريكا ولاسرائيل باستجلاب حماس للضفة وهو تهديد من الدرجة الاولى ردّ عليه نتانياهو والبيت الابيض على الفور !!!
ولذلك بدأت اسرائيل منذ اعلان اتفاق حماس فتح باتخاذ تدابير حماية لامنها ، وفي اول خطوة الحسبان لتمرد عربي داخل الخط الاخضر في شهر سبتمبر القادم ، وهناك انتقادات شديدة للغاية ضد المخابرات الاسرائيلية والاستخبارات العسكرية في اسرائيل لانها قدمت للقيادة السياسة تقارير تشير الى ان نظام حسني مبارك سيصمد ولكنه انهار باسرع ما يمكن ما اثار غضب القيادة السياسية الاسرائيلية التي صارت تشكّك بقدرة المخابرات على معرفة شئ ، بل ان الصحافيين صاروا اكثر دقة من قادة المخابرات وهو امر يهدد الاستراتيجية الاسرائيلية كلّها .
وهناك من يذهب الى القول ان سفينتين ايرانيتين محمّلتين بصواريخ جراد مرتا من قناة السويس دون ان تحرك اسرائيل اصبعا ضدها ، ورغم معرفة الامن الاسرائيلي انهما محملتان بصواريخ جراد ستسقط على بئر السبع لاحقا الا ان القرار الاسرائيلي كان بعدم الرد ، ثم حادثة مقتل 5 في ايتمار واسرائيل قررت عدم الرد ، ومن ثم اطلاق نار قرب قبر يوسف بنابلس واسرائيل قررت عدم الرد ، وصواريخ حماس الاخيرة التي قتلت وجرحت اسرائيليين ، ما اثار حفيظة المتشددين ان اسرائيل ستفقد قوة الردع وان عليها التحرك فورا ضد اتفاق حماس فتح !!
ويبدو ان هناك من اقنع ابو مازن ان اسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة وانها لا تجرؤ اساسا على خوض معركة ضد ايران ، او ضد حماس ، او ضد حزب الله ، فيما تستهر بمن يريد صنع السلام معها . فقرر ابو مازن ان يلاعب اسرائيل بالطريقة التي تحب .
وتخلص الاستخبارات الاسرائيلية الى ان ابو مازن قد تغّير ، او عاد عرفاتيا - بالضبط مثل عرفات في اخر 4 سنوات من حكمه ـ وان كل المنطقة تزحف الان باتجاه حرب جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة .
مع الاشارة الى فرق واحد ان عرفات كان يلاعب حماس ،وتارة يطلق جناحها وتارة يقصقص جناحيها ، الا ان اسرائيل ترى ان ابو مازن اذا ما اطلق جناحي حماس الان ، فانه لن يستطيع اعادتها الى القفص مرة اخرى ، وستنقلب هي عليه . وهذا رأي غالبية الاسرائيليين . وان ابو مازن قرر الحرب على اسرائيل بتوقيعه الاربعاء القادم معاهدة الصلح مع حماس ...